Back to Top

القيامة والكرازة

Res01أولاً : الكرازة كانت هي العمل الأول بعد القيامة
ثانيًا : إن الذي يكرز لابد أن يكون شاهدًا للقيامة . لأن من شك في القيامة كيف يؤكد أن الذي وضع في القبر قد قام والأبواب مغلقة ، وكيف يكرز للخاطئ بقدرة الرب على إقامته من السقوط ، وكيف يكرز للمقيد بالحرية ...
لذلك كان لابد أن تمر الكرازة بمرحلتين : الأولى ما قبل يوم الخمسين وفيها ركزّ الرب على إقامة التلاميذ لكي يكون لهم القدرة على الكرازة بمن أقامهم . والمرحلة الثانية هي فيما بعد يوم الخمسين .
إن الذي ذاق قوة القيامة من توبة ومعمودية وشركة مقدسة مع المسيح بالروح القدس هو مسئول في الدرجة الأولى عن الكرازة . لأن الرسل بعد أن ذاقوا القيامة الأولى كرزوا بها ، والعكس فإن الذي لم يذق قوة القيامة الأولى فإنه يعتبر كاذبًا عندما يكرز بما لم يختبره في حياته ... لذلك كان الشرط الأول لأختيار متياس الرسول بدلاً عن يهوذا الأسخريوطي " ... يصير واحد منهم شاهدًا معنا بقيامته ... " ( أع 1 : 22 ، 25 ) ومن أجل ذلك أيضًا مكث الرب مع التلاميذ أربعين يومًا ، وجاء مرة لتوما خصيصًا لكي يشاهدوا القيامة وينزع منهم آثار الموت من شك وخوف وجبن . وعندما دبت القيامة في حياتهم صار بطرس شجاعًا ، وتوما مؤمنًا ، وبقية الرسل فرحين . حل الروح عليهم  يوم الخمسين وصاروا قوة كارزة للعالم كله .

الكنيسة القائمة قوة كارزة :

إن حالة التلاميذ بعد القيامة هي أجمل صورة لقوة الكنيسة الكارزة . فأمامنا صورة القبر ةالأختام والحراس والكهنة الأشرار ومقابل ذلك مجموعة من أحد عشر رسولاً في موت الخوف داخل العلية ةالأبواب مغلقة . وفجأة قام المسيح من الأموات فانقلبت الصورة وأصبح أمامنا حراس وجنود صاروا كالأموات من الخوف ، ورؤساء الكهنة الأشرار صاروا في شدة الإضطراب - أما الرسل الضعفاء فقد صاروا في ملء الفرح والسلام ، إنها الكنيسة القائمة لا سيف لها ولا سلاح ولكنها مرعبة كجيش بألوية ( نش 6 : 4 ) أمام دولة الرومان وجبروت اليهود . إنها الكنيسة الكارزة بالفرح والشجاعة والسلام التي صارت الدولة واليهود أمامها في خوف عظيم ...
فالخوف انتقل من الكنيسة القائمة الكارزة باسم يسوع الناصري المصلوب ، واستقر في العالم المغلوب والدولة المرعوبة . وسفر الأعمال يحدثنا مرارًا وتكرارًا عن الفرح والقوة والشجاعة التي ملأت قلب التلاميذ البسطاء في العلم والعدد العزّل من السلاح إلا سلاح قوة القيامة " يأكلون الطعام بابتهاج وبساطة قلب " ( أع 2 : 46 ).
والأعجب من كل هذا أن الشاب الذي رجم اسطفانوس صار يخدم معهم وهم يتعجبون قائلين " إن الذي كان يضطهدنا قبلاً يبشر الآن بالإيمان الذي كان قبلاً يتلفه " (غل 1 : 23 ).

الكرازة هي المسئولية الأولى للنفوس القائمة :
فالمسئولية الأولى التي وضعها الرب على عنق مريم المجدلية بعد أن شاهدت قيامته وسجدت له وأمسكت برجليه ، هي أن تذهب وتكرز بالقيامة للتلاميذ ولا تضّيع وقتًا . فالكرازة هي المسئولية الأولى لكل من شاهد القيامة ولمسها " اذهبا سريعًا ..." ( مت 28 : 10 ).
ووصية الرب للتلاميذ الذين عاينوا قيامته وقاموا معه من خطيتهم وخوفهم هي : "اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والإبن والروح القدس " ( مت 28 : 19 ).
وأكد لهم أن الكرازة هى امتداد لكرازته هو بقوله " كما أرسلني الآب أرسلكم أنا . ولما قال هذا نفخ وقال اقبلوا الروح القدس ... " ( يو 20 : 21 ، 22 ).
أما وصيته الشديدة للقديس بطرس التي كررها ثلاث مرات فهي تتلخص في معادلة هامة وهي : أن لا حب للمسيح بدون كرازته وذلك بقوله " يا سمعان بن يونا أتحبني " . قال له نعم يارب أنت تعلم إني أحبك . قال له " ارع غنمي " قال له ذلك ثلاث مرات ( يو 21 : 15 - 17 ). هذه دعوة واضحة للقائمين مع المسيح أن يتحولوا مع بطرس الجبان إلى بطرس الكارز للثلاثة آلاف شاهدًا بالقيامة بلا خوف ، بل بحب عظيم للذي صلبلأجله ومات وأن التعبير عن الحب للنفوس القائمة هو بالخدمة والرعاية .

زمن القيامة هو موسم الصيد الكبير :
قابلهم وهم يصطادون واما أعطاهم القوة أخرجوا 153 سمكة كبيرة ( يو 9 : 11 ). هذه هي نوعية الخدمة والكرازة بعد القيامة . إنه السمك الكبير الكثير في عدده . ألم يقل اهم سابقًا سأجعلكما صيادي الناس .
أما الكنيسة فبعد القيامة في فترة الخماسين تركز دائمًا على الصيد والخدمة . ففي عشية أربعاء الأسبوع الثاني من الخماسين تقرأ الإنجيل الذي يقول " الحصاد كثير والفعلة قليلون فاطلبواإلى رب الحصاد أن يرسل فعلة إلى حصاده " ( لو 10 : 2 ). وفي عشية السبت من الأسبوع الثاني ثحدثنا الكنيسة عن صيد السمك في ( لو 5 : 2 - 10 ) وكيف حول الرب بطرس من صياد سمك إلى صياد للناس . وذلك بعد توبته واعترافه بخطيته وقيامته .

أخيرًا :
إن الخماسين هي بداية موسم الصيد ، وإن قوة الصيد مصاحبة لقوة القيامة .
وإن الكرازة هى مسئولية من اختبر القيامة ،
وإن لا كرازة بدون قيامة في حياة الإنسان ,
وإن الخدمة والرعاية هى علامة حب المسيح ،
وإن الكرازة هى امتداد لرسالة الآب للإبن .